الناس، وقد تقدم الكلام عليه مستوفى في أوائل هذا الشرح ١٦/ ١٦ (فيقرأ القرآن) إنما ذكر علي هذا حين أنكروا عليه قراءة القرآن بعد الخلاء كما بينته رواية أبي داود المذكورة آنفا، وعند أبي داود:"فيقرئنا القرآن" من الإقراء، وهو مستلزم للقراءة، والمراد أنه لا يتوضأ لأجل القرآن (ويأكل معنا اللحم) أي قبل الوضوء، وعند ابن ماجه:"فيأكل معنا الخبز واللحم"، قال الطيبي: لعل انضمام أكل اللحم مع قراء القرآن للإشعار بجواز الجمع بينهما من غير وضوء. أو مضمضة كما في الصلاة. اهـ والمراد أنه كان لا يمنعه الحدث من القراءة والأكل ونحوهما.
كما أشار إليه بقوله (ولم يكن يحجبه) أي يمنعه، وقد تقدم أول الباب أنه من باب قتل، وعند أبي داود: أو قال: "يحجزه"(عن القرآن) متعلق بـ "يحجب"، أي عن قراءته وإقرائه، جملة "يحجبه" خبر "يكن" مقدما على اسمها، وهو قوله (شيء) من أنواع الحدث.
قال السندي: والمراد بعموم شيء ما يجوز العقل فيه القراءة من الأحوال، وإلا فحالة البول والغائط مثل الجنابة، لكن خروجهما عقلا أغنى عن الاستثناء. اهـ وقوله (ليس الجنابة) ليس هنا من أداوت
الاستثناء، وهي فعل ماض ناقص، واسمها ضمير مستتر، اختلف النحاة في مرجعه، فقيل: يعود على البعض المفهوم من الكل السابق، والتقدير: ليس بعضُ الحدث، وقيل على اسم الفاعل المفهوم من الفعل السابق، والتقدير: ليس الحَاجب، وقيل: على المصدر المفهوم من الفعل السابق، والتقدير: ليس الحجب، والأول أصح، وقوله (الجنابة) بالنصب خبرها، وهو المُسْتَثْنَى، ونقل السيوطي رحمه الله في
شرحه عن الزركشي أن "ليس" هنا بمعنى"غير"، اهـ.
فإن أراد أنها هنا للاستثناء فلا يخالف ما ذكرناه، وإن أراد أنها اسم بمعناها فهذا مما لم أر أحدًا من النحاة أثبته فيحتاج إلى إثباته.