فأنشدها الأبيات المشهورة، فتوهمتها قرآنا فكفت عنه، فأخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك فضحك، ولم ينكر عليه. ثم ذكر بعده وجه الاستدلال منه، ثم قال: ولكن إسناد هذه القصة ضعيف، ومنقطع، ثم أخذ في الجواب عما استدل به المجيزون من حديث عائشة المذكور، ومحل العجب من هذا أنه بعد ما اعترف أن حديثهم الذي استندوا إليه ضعيف لا يصلح للاستدلال به أخذ يدفع دليل الآخرين الصحيح، فهذا أعجب، وأغريب.
وخلاصة القول أن الراجح قول من قال بجواز القراءة للجنب , وهو كما في الفتح مذهب البخاري، والطبري، وابن المنذر، واحتجوا بعموم حديث عائشة المذكور.
لكن يكره له كما قال الشيخ الألباني لحديث "إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهر" قاله في رد السلام، فالقرآن أولى من السلام، لكنه لا ينافي الجواز.
ومثل الجنب الحائض لعموم الدليل، ويتأيد أيضا بالبراءة الأصلية فما لم يصح دليل يخصص هذا العموم، وينقل عن هذه البراءة لا يصح العدول إلى غيره. انظر نيل الأوطار ج ١ ص ٣٤١.
وأما حديث ابن عمر مرفوعا:"لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئًا من القرآن" رواه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه، فضعيف؛ لأنه من رواية إسماعيل بن عياش، عن موسى بن عقبة، وهو حجازي، وروايته عن الحجازيين ضعيفة.
وكذا حديث جابر مرفوعًا:"لا يقرأ الحائض ولا النفساء من القرآن شيئا" رواه الدارقطني، ففيه محمَّد بن الفضل، وهو متروك، أو منسوب إلى الوضع، وقد رُوي موقوفًا، وفيه يحيى بن أبي أنيسة، كذاب. فلا