وأما الحائض ومن سواها فلا يكره لها أن تقرأ القرآن؛ لأن أمرها يطول فلا تدع القرآن، والجنب ليس كحالها.
قال ابن المنذر رحمه الله: احتج الذين كرهوا للجنب قراءة القرآن بحديث علي، ثم ذكر بسنده حديث الباب.
قال: واحتج من سهل للجنب أن يقرأ القرآن بحديث عائشة رضي الله عنها، ثم ساق بسنده حديثها:"كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يذكر الله على كل أحيانه". وهو حديث صحيح علقه البخاري، وأخرجه مسلم.
قال ابن المنذر: فقال بعضهم: الذكر قد يكون بقراءة القرآن، وغيره، فكل ما وقع عليه اسم ذكر الله، فغير جائز أن يمنع منه أحد، إذ كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يمتنع من ذكر الله على كل أحيانه، وحديث علي لا يثبت إسناده, لأن عبد الله بن سلمة تفرد به، وقد تكلم فيه عمرو بن مرة، قال: سمعت عبد الله بن سلمة، وإنا لنعرف، وننكر، فإذا كان هو الناقل لخبره، فجرحه بطل الاحتجاج به، ولو ثبت خبر علي لم يجب الامتناع من القراءة من أجله؛ لأنه لم ينهه عن القراءة، فيكون الجنب ممنوعًا منه. اهـ كلام ابن المنذر في الأوسط ج ٢ ص ٩٦ - ١٠٠.
قال الجامع عفا الله عنه: الحاصل أنه لم يثبت في منع الجنب عن القرآن شيء يعتد به، كما أوضحه العلماء، ومنهم البيهقي، والنووي، فإنه ضعف الأحاديث التي احتج بها المانعون، ومن غريب ما اتفق له في المجموع ج ٢ ص ١٥٩ في هذا الباب أنه بعد ما ضعف حديث الباب وحديثًا آخر احتج به المانعون، أنه قال: واحتج أصحابنا أيضا قصة عبد الله بن رواحة رضي الله عنه المشهورة: أن امرأته رأته يواقع جارية له فذهبت، فأخذت سكينًا، وجاءت تريد قتله، فأنكر أنه واقع الجارية، وقال: أليس قد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الجنب أن يقرأ القرآن؟ قالت بلى،