الذي هو الكتاب المكنون إلا الملائكة المطهرون، وقيل: إن إسرافيل هو الموكل بذلك، حكاه القشيري قال ابن العربي: وهذا باطل, لأن الملائكة لا تناله في وفت، ولا تصل إليه بحال، ولو كان المراد به ذلك لما كان للاستثناء فيه مجال، وقيل: المراد بالكتاب المصحف الذي بأيدينا، واستظهره القرطبي.
قال: وعلى هذا المعنى قال قتادة وغيره: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} من الأحداث والأنجاس. وقال الكلبي: من الشرك. وقال الربيع بن أنس: من الذنوب والخطايا.
وقيل: معنى لا يمسه: لا يقرؤه {إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} إلا الموحدون، قاله محمَّد بن فضيل، وعبدة، وقال الفراء: لا يجد طعمه ونفعه وبركته إلا المطهرون، أي المؤمنون بالقرآن.
قال ابن العربي: وهو اختيار البخاري، إلى غير ذلك من الأقوال.
ثم قيل: ظاهر الآية خبر عن الشرع، أي لا يمسه إلا المطهرون شرعا، فإن وجد خلاف ذلك فهو غير الشرع، وهذا اختيار القاضي أبي بكر بن العربي، وأبطل أن يكون لفظه لفظ الخبر ومعناه الأمر. وقال المهدوي: يجوز أن يكون أمرا، وتكون ضمة السين ضمة إعراب، ويجوز أن يكون نهيا، وتكون ضمة السين ضمة بناء، والفعل مجزوم. اهـ كلام القرطبي ببعض اختصار ج ١٧ ص ٢٢٥ - ٢٢٦.
وقد ذكر إمام المفسرين أبو جعفر محمَّد بن جرير الطبري في تفسيره المشهور اختلاف العلماء في الذي عُنُوا بقوله:{إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} فقيل: هم الملائكة، وقيل: هم حملة التوراة والإنجيل، وقيل: هم المطهرون من الذنوب كالملائكة والرسل، وقيل: عني بذلك أنه لا يمسه عند الله إلا المطهرون، ثم ذكر من قال كل ذلك بأسانيده.