كالسابق لأن الدعاء من جانبه - صلى الله عليه وسلم - بخلاف المماسحة (فرأيته يوما .. بكرة) بضم الباء وسكون الكاف: أول النهار جمعها بُكَر مثل غرفة وغُرَف، وأبكار جمع الجمع، مثل رُطب، وأرطاب، وإذا أريد بكرة يوم بعينه منعت الصرف للتأنيث والعلمية. قاله في المصباح، والمراد هنا مطلق الغداة، بدليل قوله: يوما فلذا يصرف هنا، فلو قال مثلا: يوم الجمعة بكرة لم يصرف لما ذكر والمعنى أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - في أول النهار (فحدت عنه) أي ملت، إلى جهة أخرى، يقال: حاد عن الشيء، يحيد حَيْدَةً وحيودًا: تنحَّى، وبَعُد، ويتعدى بالحرف، والهمزة، فيقال: حدت به، وأحدته، مثل ذهب، وذهبت به، وأذهبته. قاله في المصباح. وفي "ق": حاد عنه يحيد حَيْدًا، وحيدانًا، ومَحيدًا، وحَيْدة، وحَيْدُودَة: مال. اهـ يعني أنه مال عن طريق النبي - صلى الله عليه وسلم - لئلا يماسحه على عادته وهو جنب، ظنامنه أن الجنابة تنافي ذلك.
(ثم أتيته حين ارتفع النهار) أي بعد أن اغتسل (فقال) - صلى الله عليه وسلم - مستفسرا عن سبب ميله عنه على غير عادته حيث إنه إذا لقيه أحد من أصحابه كان يماسحه، فترك حذيفة عادته في ذلك، فسأله عنه؟ فقال (إني رأيتك فحدت عني) أي تنحيت، وبَعُدت، وملتَ عن الطريق الذي سلكته، فما سبب ذلك؟ قال حذيفة (فقلت) جوابًا عن سؤاله، واعتذارًا إليه في هذا الفعل (إني كنت جنبًا) تقدم أن الجنب وصف يستوي فيه المذكر، والمؤنث، والمثنى، والجمع وربما يطابق علي قلة (فخشيت) بفتح الخاء، وكسر الشين، يقال: خشي يخشى، كرضي يرضى، خشية: خاف، فهو خَشْيَان، والمرأة خَشْيا، مثل غضبان، وربما قيل: خشيت بمعنى علمت. اهـ المصباح.
والمعنى أنه يقول: خفت (أن تمسني) على عادتك وأنا على هذه الحالة ظنا منه أن الجنب لا يصلح لماسته - صلى الله عليه وسلم - نجاسته (فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)