موضحا له عدم كون الجنابة نجسًا يمنع من مماسته (إن المسلم لا ينجس) بفتح الجيم وضمها، يقال: نجس الشيءُ نجسا فهو نجس, من باب تعب: إذا كان قذرًا غير نظيف، ونجَس ينجُس، من باب قتل، لغة. قال بعضهم: ونجس: خلاف طهر، ومشاهير الكتب ساكتة عن ذلك، وقد يكون القذر نجاسة، فهو موافق لهذا. أفاده في المصباح وفي "ق" النجس, بالفتح وبالكسر وبالتحريك، وككتف وعضد: ضد الطاهر، وقد نجس: كسمع، وكرم، وأنجسه، ونجَّسه، فتنجس. اهـ.
والمعنى أن المؤمن لا تصير ذاته نجسة بسبب هذا الحدث الذي حل في بدنه, لأنه وصف حكمي رتبه الشارع على البدن، ولا يتأثر به بدن المؤمن أكثر من الحكم عليه بالمنع مما تمنع الجنابة منه شرعا، فالمجالسة والمماسة لا تدخل في جملة ما مُنعَ لها.
وقال السندي رحمه الله: لا ينجس: أي الحدث ليس بنجاسة تمنع عن المصاحبة، وتقطع عن المجالسة، وإنما هو أمر تعبدي، أو المؤمن لا ينجس أصلا، ونجاسة بعض الأعيان اللاصقة بأعضائه أحيانا لا توجب نجاسة الأعضاء، نعم تلك الأعيان يجب الاحتراز عنها، فإذا لم تكن فما بقي إلا أعضاء المؤمن فلا وجه للاحتراز عنها، فكأنه قال: لو كانت هناك نجاسة لكانت تلك النجاسة في أعضاء المؤمن إذ ليس هناك عين نجسة لاصقة به، والمؤمن لا ينجس بهذه الصفة فلا نجاسة. اهـ والله أعلم.
مسائل تتعلق بهذا الحديث
المسألة الأولى: في درجته: حديث حذيفة رضي الله عنه هذا أخرجه مسلم.
المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنف له. أخرجه في هذا الباب ١٧٢/ ٢٦٧، ٢٦٨ وفي الكبرى ١٥١/ ٢٦٥ بهذا السند.