اللازم ما جاء في الحديث في ذكر الشيطان "فإنْ ذكر الله خَنَس" ومن المتعدي ما جاء في الحديث "وخنس إبهامه" أي قبضها.
وقيل: إنه يقال: أخنسه في المتعدي، وقد روي في هذه اللفظة:"فانبجست منه" بالجيم من الانبجاس، وهو الاندفاع، أي اندفعت عنه، ويؤيده قوله في حديث آخر:"فانسللت منه" وروي أيضًا "فانبخست منه"، من البخس وهو النقص، وقد استُبْعدَت هذه الرواية" ووُجِّهَت على بعدها بأنه اعتقد نقصان نفسه بجنابته عن مجالسته - صلى الله عليه وسلم - أو مصاحبته مع اعتقاد نجاسة نفسه، هذا أو معناه. قاله ابن دقيق العيد رحمه الله في الإحكام ج ١ ص ٣٥٩ - ٣٦٢. بنسخة الحاشية.
(فاغتسل ففقده النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي عدمه، يقال: فقدته، فقدًا، من باب ضرب، وفُقْدانا بالكسر والضم: عَدمته، فهو فقيد ومفقود، وافتقدته مثله، وتفقدته طلبته. اهـ المصباح بزيادة.
والمعنى أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يجد أبا هريرة رضي الله عنه بعدما أبصره عنده، لكونه ذهب يغتسل عن جنابته لاعتقاده أنه نجس بسببها (فلما جاء) من المكان الذي يغتسل فيه (قال) - صلى الله عليه وسلم - مستفهما له عن سبب غيبته (أين كنت يا أبا هريرة، قال: يا رسول الله إنك لقيتني) أي صادفتني، يقال: لقيته ألقاه، من باب تحب، لُقيًا بالضم، والأصل على فعول، فاجتمعت الواو والياء فقلبت الواو ياء ثم أدغمت في الياء، ولُقىً بالضم مع القصر، ولقاء- بالكسر مع المد والقصر، وكل شيء استقبل شيئًا، أو صادفه، فقد لقيه، ومنه لقاء البيت: استقباله اهـ المصباح بزيادة.
(وأنا جنب) جملة حالية من الضمير المفعول في "لقيتني" (فكرهت أن أجالسك حتى أغتسل) وعند البخاري "وأنا على غير طهارة"، وإنما فعل أبو هريرة هذا لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا لقي أحدًا من أصحابه ماسحه