عن مقسم، عن ابن عباس، فقيل له: تذهب إليه؟ فقال: نعم، وقال أبو داود: هي الرواية الصحيحة, وربما لم يرفعه شعبة، وقال أبو الحسن بن القطان: إن الإعلال بالاضطراب خطأ، والصواب أن ينظر إلى رواية كل راو بحسبها، ويعلم ما خَرَّج عنه فيها، فإن صح من طريق قُبل، ولا يضره أن يروى من طرق أخر ضعيفة، وأقرّ ابنُ دقيق العيد ابنَ القطان في تصحيحه, وقواه في الإمام، كما قال الحافظ، وقال الخطابي: وأكثر أهل العلم زعموا أن هذا الحديث مرسل، أو موقوف على ابن عباس، والأصح أنه متصل مرفوع.
ويجاب عن دعوى الاختلاف في رفعه، ووقفه بأن يحيى بن سعيد، ومحمد بن جعفر، وابن أبي عدي، رفعوه عن شعبة، وكذلك وهب بن جرير، وسعيد بن عامر، والنضر بن شُمَيل، وعبد الوهاب بن عطاء الخفاف، قال ابن سيد الناس: من رفعه عن شعبة أجلّ وأكثر، وأحفظ ممن وقفه. وأما قول شعبة: أسنده لي الحكم مرة ورفعه مرة، فقد أخبر عن المرفوع والموقوف أن كلا عنده، ثم لو تساوى رافعوه مع واقفيه لم يكن في ذلك ما يقدح مما فيه.
وقال أبو بكر الخطيب: اختلاف الروايتين في الرفع والوقف لا يؤثر في ضعف الحديث وهو مذهب أهل الأصول, لأن إحدى الروايتين ليست مُكَذّبة للأخرى، والأخذ بالمرفوع أخذ بالزيادة وهي واجبة
القبول.
وقال الحافظ في التلخيص بعد نقل ما تقدم من ابن دقيق العيد: ما نصه: وهو -أي تصحيح الحديث- الصوابُ، فكم من حديث قد احتجوا به، فيه من الاختلاف أكثر مما في هذا، كحديث بئر بضاعة،
وحديث القلتين، ونحوهما، وفي ذلك ما يَرُدُّ على النووي دعواه في