للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

البدد: إذا كرهت المُقَام فيه، وإن كنت في نعمة، وقيده الخطابي بما إذا تضرر بالإقامة، وهو المناسب لهذه القصة، وقال القَزَّاز: اجتووا، أي لم يوافقْهُمْ طعامها، وقال ابن العربي: الجوَىَ: داء يأخذ من الوَبَاء.

وللبخاري في الطب من رواية ثابت عن أنس: "أن ناسًا كان بهم سقم، قالوا: يا رسول الله آوِنَا وأطْعمنَا، فلما صَحُّوا قالوا: إنَّ المدينة وَخْمَةٌ" والظاهر أنهم قَدموا سِقَامًا، فلما صَحُّوا من السقم كرهوا الإقامة بالمدينة لوَخْمهَا، فأما السقم الذي كان بهم فهو الهُزَال الشديد والجهد من الجوع، فعند أبي عوانة من رواية غَيْلان، عن أنس: "كان بهم هُزَال شديد" وعنده من رواية أبي سعيد عنه "مُصْفَرَّة ألْوَانُهُم".

والوخم الذي شَكَوا منه بعد أن صحت أجسامهم فهو من حمى المدينة، كما عند أحمد من رواية حميد، عن أنس، ووقع عند مسلم من رواية معاوية بن قُرَّة، عن أنس: "وقع بالمدينة الْمُوم -أي بضم الميم وسكون الواو- قال: وهو البِرْسَام، أي بكسر الموحدة سُرياني مُعرَّب أطلق على اختلال العقل، وعلى وَرَم الرأس، وعلى وَرَم الصدر، والمراد هنا الأخير، فعند أبي عوانة من رواية همام، عن قتادة، عن أنس هذه القصة: "فَعَظُمَت بُطُونُهم"، أفاده الحافظ (١).

(فأمر لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) يحتمل أن تكون اللام زائدة، أو للتعليل، أو لشبه الملك، أو للاختصاص، وليست للتمليك، قاله في الفتح والعمدة (٢).

قال الجامع: الظاهر أنها للتعليل، أي أمر لأجلهم بذَود وراع حتى يخرج ذلك الراعي بتلك الذود إلى الصحراء، فيتبعوه ويُوَضِّحُ هذا


(١) فتح جـ ١ ص ٤٠٣.
(٢) فتح جـ ١ ص ٤٠٣، عمدة القاري جـ ٣ ص ١٥٣.