وجب عليه القتل فاستسقى لا يُمنَعُ، وأجاب بأن ذلك لم يقع عن أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا وقع منه نهي عن سقيهم.
قال الحافظ: وهو ضعيف جدّا, لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - اطلع على ذلك، وسكوته كاف في ثبوت الحكم.
وأجاب النووي بأن المُحارب المرتد لا حرمة له في سقي الماء، ولا في غيره، ويدل عليه أن من ليس معه ماء إلا لطهارته ليس له أن يسقيه للمرتد ويتيمم، بل يستعمله، ولو مات المرتد عطشا.
وقال الخطابي: إنما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - بهم ذلك, لأنه أراد بهم الموت بذلك، وقيل: إن الحكمة في تعطيشهم لكونهم كفروا نعمة سقي ألبان الإبل التي حصل لهم بها الشفاء من الجوع والوخم، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا بالعطش على من عَطَّشَ آل بيته، في قصة رواها النسائي، فيحتمل أن يكونوا في تلك الليلة منعوا إرسال ما جرت به العادة من اللبن الذي كان يُرَاح به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من لقاحه في كل ليلة، كما ذكر ذلك ابن سعد. والله أعلم (١).
قال الجامع عفا الله عنه: الظاهر عندي رأي القاضي عياض رحمه الله، وما رد به الحافظ بأنه - صلى الله عليه وسلم - اطلع عليه غير واضح لعدم ذكر دليل صريح فيه، بل هو مجرد احتمال، وكذا ما أجاب به النووي، والخطابي وغيره فليس عليها دليل صريح يُعْتَمدُ عليه، وأما الاستدلال بدعائه - صلى الله عليه وسلم - على من عَطَّش آل بيته فليس دليلا لما نحن فيه، كما لا يخفى على من تأمله. فَتَبَصَّر. وبالله التوفيق، وعليه التكلان.