قال الحافظ رحمه الله: ظاهره اختصاصه بحالة الصلاة، فإن قلنا: المراد بالملك الكاتب، فقد يُسْتَشكَلُ اختصاصه بالمنع، مع أن عن يساره ملكا آخر، وأجيب باحتمال اختصاص ذلك بملك اليمين تشريفا له وتكريما، هكذا قال جماعة من القدماء، ولا يخفى ما فيه.
وأجاب بعض المتأخرين بأن الصلاة أمُّ الحسنات البدنية، فلا دخل لكاتب السيئات فيها، ويشهد له ما رواه ابن أبي شيبة من حديث حذيفة رضي الله عنه موقوفا في هذا الحديث، قال:"ولا عن يمينه فإن عن يمينه كاتبَ الحسنات"، وفي الطبراني من حديث أبي أمامة في هذا الحديث:"فإنه يقوم بين يدي الله، وملكه عن يمينه، وقرينه عن يساره" اهـ، فالتفل حينئذ إنما يقع على القرين، وهو الشيطان، ولعل ملك اليسار حينئذ يكون بحيث لا يصيبه شيء من ذلك، أو يتحول في الصلاة إلى اليمين (١).
(ولكن) يبزق (عن يساره أو تحت قدمه) أي اليسرى، كما جاء التصريح به عند البخاري عن موسى بن إسماعيل، عن إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن، أن أبا هريرة وأبا سعيد حدثاه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى نخامة في جدار المسجد، فتناول حصاة، فحكها، فقال:"إذا تنخم أحدكم فلا يتنخمن قبل وجهه، ولا عن يمينه، ولْيَبْصُق عن يساره أو تحت قدمه اليسرى".
وعنده أيضا من طريق همام عن أبي هريرة زيادة:"فَيَدْفنُها".
(وإلا) أي وإن لم يفعل ذلك، وجواب إن محذوف لدلالة ما بعده عليه، تقديره: فليفعل كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - (فـ) ـقد (بزق النبي - صلى الله عليه وسلم - هكذا في ثوبه ودلكه) جملة "فبزق" بيان للجواب المقدر، أي بصق - صلى الله عليه وسلم - في ثوبه،