عبد الوهاب بن عيسى، ثنا أحمد بن محمَّد، ثنا أحمد بن علي، ثنا مسلم بن الحجاج، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا محمَّد بن فضيل، عن أبي مالك الأشجعي، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فُضِّلنا على الناس بثلاث -فذكر فيها-: وجُعلت لنا الأرض مسجدا، وجُعلت تُربتها لنا طَهورا إذا لم نجد الماء".
ثم ذكر ما أخرجه مسلم بسنده عن أبي هريرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فُضِّلتُ على الأنبياء بست: أُعطيتُ جَوَامع الكلم، ونُصرتُ بالرُّعب، وأُحلَّت لي الغنائمُ، وجعلت لي الأرض طهورا ومسجدا، وأُرسلتُ إلى الناس كافة، وخُتم بي النبيون" فهذا عموم دخل فيه الحاضر والبادي.
فإن قيل: فإن الله تعالى قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا ..}[النساء الآية ٤٣] وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تقبل صلاة من أحدث حتى يتوضأ" فلم يُبح عز وجل للجنب أن يقرب الصلاة حتى يغتسل، أو يتوضأ إلا مسافرًا.
قلنا: نعم، قال الله تعالى، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما ذكرتم، وقال تعالى:{وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ}[المائدة: آية٦] فكانت هذه الآية زائدة حكما، واردة بشرع ليس في الآية التي ذكرتم بل فيها إباحة أن يقرب الصلاة الجنب دون أن يغتسل، وهو غير عابر سبيل، لكن إذا كان مريضا لا يجد الماء، أو عليه فيه حرج، وكانت هذه الآية أيضا زائدة