للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

طرق حديث عائشة المشهور "كان يعجبه التيمن في ترجله، وتنعله، وتطهره، وسواكه". وسمعت بعض مشايخنا الشافعية يبني ذلك على أن السواك هل هو من باب التطهير والتطييب، أو من باب إزالة القاذورات، فإن جعلناه من باب التطييب استحب أن يكون بيمينه، وإن جعلناه من باب إزالة القاذورات استحب أن يليه بشماله، لحديث عائشة رضي الله عنها، فذكر الحديث الذي ذكرناه عن أبي داود، قال: وله (١) من حديث حفصة: "كان يجعل يمينه لطعامه، وشرابه، وثيابه، ويجعل شماله لما سوى ذلك".

وما استدل به على أنه يستحب باليمين ليس فيه دلالة على ما ذهب إليه، فإن المراد منه البداءة بالشق الأيمن في الترجل، والبداءة بلبس النعل، والبداءة بالأعضاء اليمنى في التطهر، والبداءة بالجانب الأيمن من الفم في الاستياك كما تقدم، وأما كونه يفعل ذلك بيمينه فيحتاج إلى نقل، والظاهر أنه من باب إزالة الأذى كالامتخاط ونحوه، فيكون باليسري، وقد صرح بذلك أبو العباس القرطبي من المالكية، فقال في المفهم حكايته عن مالك أنه لا يتسوك في المسجد لأنه من باب إزالة القذر. اهـ كلام العراقي.

قال الجامع عفا الله عنه: الراجح عندي أنه من باب التطهير والتطييب لأن حديث الباب صريح فيه، فهذا كان كذلك فاستعماله باليمين أولى لحديثي عائشة، وحفصة المتقدمين، فقول العراقي في اعتراضه: فيحتاج إلى نقل غير سديد؛ لأن هذا الحديث نقل واضح فأي نقل أصرح من هذا. وما قاله القرطبي مخالف للنصوص الدالة على جواز الاستياك في المسجد، كحديث "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة" المتفق عليه، وسيأتي للمصنف ٧/ ٧، فإنه


(١) أي لأبي داود.