للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

النبي - صلى الله عليه وسلم - (إنما كان يكفيك أن تقول) أي تفعل، وفي رواية البخاري: "أن تصنع" واستعمال القول بمعنى الفعل شائع في اللغة، قال ابن الأنباري: "قال" يجيء بمعنى "تكلم"، و"ضرب"، و"غلب"، و"مات"، و"مالَ" و"استراحَ"، و"أقبل"، ويُعبَّرُ بها عن التهيؤ للأفعال، والاستعداد لها، يقال: قال: فأكل، وقال، فضرب، وقال، فتكلم، ونحوه (١).

قال الجامع: قد نظمت ذلك بقولي:

يَجيءُ "قال" لمَعَان تُجْتُلَى … تَكَلَّمَ اسْترَاحَ مَاتَ أقبَلَا

ومَالَ مَعْ ضَرَبَ ثُمَّ غَلبَا … وللتَّهَيُّؤِ لِفعْلٍ يُجْتَبَى

فُجُمْلَةُ المَعَانِ قُلْ ثَمَانيَهْ … فاحْفَظْ فإنَّهَا مَعَانٍ سَامِيَهْ

(هكذا) إشارة إلى الكيفية المبيَّنة بقوله (وضرب الأرض بيديه ضربة) أي واحدة، فيه أن الضربة الواحدة هي التي تكفي للوجه واليدين (فمسح كفيه) فيه أن مسح الكف هو المتعين، وما زاد عليه لم يثبت له دليل (ثم نفضهما) هذا بيان لما أجمله من مسح الكف، فقوله "فمسح كفيه" مجمل، وقوله "ثم نفضهما" الخ بيان لهذا المجمل والنفض: التحريك، يقال: نفضه نفضًا، من باب قتل: حرّكه ليزول عنه الغُبار، ونحوه، وإنما نفضهما تخفيفا للتراب لئلا يتلوث به وجهه وكفاه (ثم ضرب بشماله على يمينه, وبيمينه على شماله، على كفيه) بدل من "على يمينه، وعلى شماله" (ووجهَه) بالنصب عطفا على كفيه، وعند البخاري وأبي داود: "ثم مسح بهما وجهه" وروايتهما فيها الدلالة على أن الترتيب في التيمم غير مشروط.

قال ابن دقيق العيد رحمه الله: اختُلف في لفظ هذا الحديث فوقع عند البخاري بلفظ "ثم" وفي سياقه اختصار، ولمسلم بالواو، ولفظه


(١) "ق" في مادة "قال".