قال أبو عمر رحمه الله: أجمع العلماء على أن التيمم بالتراب جائز واختلفوا فيما عداه، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "جعلت لي الأرض مسجدا، وجعلت تربتها طهورا" وروى هذا جماعة من حفاظ العلماء عن الصحابة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يقضي على رواية من روى:"جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" ويفسرها. والله أعلم (١).
وقال العلامة ابن رشد رحمه الله بعد ذكر الخلاف السابق ما نصه: والسبب في اختلافهم شيئان:
أحدهما: اشتراك اسم الصعيد في لسان العرب، فإنه مرة يطلق على التراب الخالص، ومرة يطلق على جميع أجزاء الأرض الظاهرة، حتى أن مالكا وأصحابه حملهم على دلالة اشتقاق هذا الاسم أعني الصعيد، أن يجيزوا التيمم في إحدى الروايات عنهم على الحشيش والثلج، قالوا: لأنه يسمى صعيدا في أصل التسمية أعني من جهة صعوده على الأرض، وهذا ضعيف.
والسبب الثاني: إطلاق اسم الأرض في جواز التيمم بها في بعض روايات الحديث المشهور، وتقييدها بالتراب في بعضها، وهو قوله: - صلى الله عليه وسلم -: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" فإن في بعض رواياته: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" وفي بعضها: "جعلت لي الأرض مسجدا، وجعلت لي تربتها طهورا".
وقد اختلف أهل الكلام الفقهي هل يُقضَى بالمطلق على المقيد، أو بالمقيد على المطلق؟ والمشهور عندهم أن يقضى بالمقيد على المطلق، وفيه نظر، ومذهب أبي محمَّد بن حزم أن يقضى بالمطلق على المقيد, لأن المطلق فيه زيادة معنى، فمن كان رأيه القضاء بالمقيد على المطلق، وحمل