قال الحافظ أبو عمر بن عبد البر رحمه الله في الاستذكار: وأما الصعيد فقيل: وجه الأرض، وقيل: بل التراب خاصة، والطيب الطاهر لا خلاف في ذلك.
وأما اختلاف العلماء في الصعيد، فقال مالك وأصحابه: الصعيد: وجه الأرض، ويجوز التيمم عندهم على الحصباء، والجبل، والرمل والتراب، وكل ما كان وجه الأرض.
وقال أبو حنيفة وزفر: يجوز التيمم بالنُّوْرة، والحجر، والزِّرنيخ، والجص، والطين، والرّخام، وكل ما كان من الأرض. وقال الأوزاعي: يجوز التيمم على الرمل. وقال الثوري، وأحمد بن حنبل: يجوز التيمم بغبار الثوب واللبد. ولا يجوز عند مالك، وقال ابن خويز منداد: يجوز التيمم عندنا على الحشيش إذا كان ذلك على وجه الأرض، واختلفت الرواية عن مالك في التيمم على الثلج فأجازه مرة، وكرهه أخرى، ومنع منه.
ومن الحجة لمذهب مالك في هذا الباب قوله تعالى:{صَعِيدًا زَلَقًا}[الكهف: آية ٤٠] و {صَعِيدًا جُرُزًا}[الكهف: آية ٨]، والجرز: الأرض الغليظة التي لا تنبت شيئا، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "جُعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" فكل موضع جازت الصلاة فيه من الأرض جاز التيمم به، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "يحشر الناس يوم القيامة على صعيد واحد" أي أرض واحدة، وقال الشافعي، وأبو يوسف: الصعيد التراب، ولا يجوز عندهم التيمم بغير التراب، وقال الشافعي: لا يقع الصعيد إلا على تراب ذي غبار، أو نحوه، فأما الصخرة الغليظة والرقيقة، والكثيب الغليظ فلا يقع اسم الصعيد عليه.