أبو القاسم الفوراني أن حروراء هذه موضع بالشام، وفيه نظر, لأن عليا رضي الله عنه إنما كان بالكوفة، وقتاله لهم إنما كان هناك، ولم يأت أنه قاتلهم بالشام, لأن الشام لم يكن في طاعة علي رضي الله عنه، وعلى ذلك أطبق الؤرخون. انتهى كلام العيني (١).
وإنما قالت لها عائشة رضي الله عنها:"أحرورية أنت" لأن طائفة
من الخوارج يوجبون على الحائض قضاء الصلاة الفائتة في زمن الحيض، وهو خلاف الإجماع فظنتها منهم. أو لأن هذا السؤال فيه تنطع،
والتنطع من عادة الخوارج، أو أرادت زجرها بذلك، لما في صورة السؤال من رائحة الاعتراض، حيث قالت كما في الرواية السابقة:"ما بَالُ".
وقال الحافظ رحمه الله عند الكلام على الحرورية ما حاصله: وهم فرق كثيرة، لكن من أصولهم المتفق عليها بينهم الأخذ بما دَلَّ عليه القرآن، ورَدُّ ما زاد عليه من الحديث مطلقا, ولهذا استفهمت عائشة معاذةَ استفهام إنكار، وزاد مسلم في رواية عاصم عن معاذة:"فقلت: لا, ولكني أسأل" أي سؤالا مجردا لطلب العلم، لا للتعنت، وفهمت عائشة عنها طلب الدليل، فاقتصرت في الجواب عليه دون تعليل.
والذي ذكره العلماء في الفرق بين الصلاة والصيام: أن الصلاة تتكرر فلم يجب قضاؤها للحرج، بخلاف الصيام، ولمن يقول بأن الحائض مخاطبة بالصيام أن يفرق بأنها لم تخاطب بالصلاة أصلا.
وقال ابن دقيق العيد: اكتفاء عائشة في الاستدلال على إسقاط القضاء لكونها لم تؤمر به يحتمل وجهين:
أحدهما: أنها أخذت إسقاط القضاء من إسقاط الأداء، فيتمسك به