بحجة، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: أقام بالبيت الحرام، مجاورا مع الجهد الشديد، والورع الدائم، والخوف الوافر، والبكاء الكثير، والتخلي بالوحدة، ورفض الناس، وما عليه أسباب الدنيا إلى أن مات بها، وقال ابن أبي خيثمة: سمعت قطبة بن العلاء يقول: تركت حديث فضيل, لأنه روى أحاديث فيها إزراء على عثمان. قال الحافظ: ولم يلتفت أحد إلى قطبة في هذا، وقد أعقب ابن أبي خيثمة هذه القصة أن أخرج عن عبد الصمد بن زيد، عن فضيل بن عياض أنه ذُكر عنده الصحابة، فقال: اتبعوا فقد كُفيتم، أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب.
حدثنا عبد الصمد، ثنا رباح بن خالد، قال: قال لي ابن المبارك: إذا نظرتُ إلى فضيل جُدِّدَ لي الحزن، ومَقَتُّ نفسي، ثم بكى.
وقال أبو عمار الحسين بن الحريث: سمعت الفضل بن موسى يقول: كان الفضيل بن عياض شاطرا يقطع الطريق بين أبيورد، وسرخس، وكان سبب توبته أنه عشق جارية، فبينما هو يرتقي الجدران إليها سمع تاليًا يتلو:{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ}[الحديد: آية ١٦]، فلما سمعها قال: بلى يا رب قد آن، فرجع فآواه الليل إلى خَرِبَة، فإذا فيها سابلة -أي جماعة مسافرون- فقال بعضهم: نرتحل، وقال بعضهم: حتى نصبح، فإن فضيلا على الطريق يقطع علينا، قال: ففكرت، قلت: أنا أسعى بالليل في المعاصي، وقوم من المسلمين يخافونني ها هنا، وما أرى الله ساقني إليهم إلا لأرتدع، اللهم إني تبت إليك، وجعلت توبتي مجاورة البيت الحرام. أخرج له البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي. انتهى من تهذيب التهذيب بتصرف.