للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أخرى، أو لم يُعد الصلاةَ مرة ثانية، لاعتقاده أن تلك الصلاة صحيحة (فسألا النبي - صلى الله عليه وسلم -) عن حكم ما فعلاه (فقال) - صلى الله عليه وسلم - (للذي لم يُعدْ: أصبت السنة) أي صادفت الشريعة الواجبة الثابتة بالكتاب والسنة، وفي هذا تصويب لاجتهاده، وتخطئة لاجتهاد الآخر، وفيه أن الخطأ في الاجتهاد المُسْتَوفي للشروط لا ينافي الأجر على العمل المبني عليه، والظاهر ثبوت الأجر له، ولمن قَلَّدَهُ على وجه يصح. قاله السندي.

(وأجزأتك الصلاة) ومعنى أجزأتك: أي كفتك عن القضاء، والإجزاء عبارة عن كون الفعل مسقطا لإعادة قاله في النيل (وقال للآخر) الذي عاد للصلاة مرة ثانية (أما أنت فلك مثلُ سَهْم جَمْع) بإضافة "سهم" إلى "جمع"، من إضافة الموصوف إلى الصفة بقلة، أي سهم مَجْمُوع فيه أجران، وقال في النهاية: أي له سهم من الخير جُمع فيه حظان، والجيم مفتوحة، وقيل: أراد بالجمع الجيش، أي سهم من الغنيمة، وقال غيره: سئل ابن وهب ما تفسر "جَمْع"؟ قال: يعني أن له أجر الصلاة مرتين، ولم يُردْ جمع الناس بالمزدلفة، ويؤيد هذا التفسير ما رُوي عن المنذر بن الزبير أنه قال في قصة له: "أن لفاطمة ابنتي بغلتي الشهباء، وعشرة آلاف درهم، ولابني محمَّد سهمُ جَمْع". فقال: نصيب رجلين. انتهى زهر الربى جـ ١ ص ٢١٤.

وعند أبي داود: "لك الأجر مرتين" يعني مرة لصلاته الأولى، ومرة لصلاته الثانية، فإن كلا منهما صحيحة يترتب عليها مثوبة، وإن كانت إحداهما فرضا والأخرى نفلا، لقوله سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا} [الكهف: آية ٣٠].

وفيه بيان أن العمل بالأحوط أفضل، قال الخطابي رحمه الله: في هذا الحديث من الفقه أن السنة تعجيل الصلاة للمتيمم في أول وقتها، كما هو للمتطهر بالماء.