للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وإن روى التابعي عن صحابي قصة أدرك وقوعها كان متصلا، وإن لم يدرك وقوعها وأسندها إلى الصحابي كانت متصلة، وإن لم يدركها، ولا أسند حكايتها إلى الصحابي فهي منقطعة.

مثال ذلك ما في مسند يعقوب بن أبي شيبة، من رواية أبي الزبير، عن محمد بن الحنفية، عن عمار، قال: "أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو يصلي فسلمت عليه، فرد عليَّ السلام" فجعله مسندا متصلا، وذَكَرَ روايةَ قيس بن سعد كذلك عن عطاء بن أبي رباح عن ابن الحنفية: أن عمارا مَرَّ بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو يصلي" فجعله مرسلا، فجعل يعقوب الأول من المتصل، لأن ابن الحنفية أسند الحكاية إلى عمار حيث قال: عن عمار، قال: "أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم -" وجعل الثاني من المرسل، لأنه لم يسند الحكاية إلى عمار، بل إلى نفسه مع أنه لم يدرك مروره.

ولابد من اعتبار السلامة من التدليس في التابعين، ومن بعدهم، وقد حكى أبو عبد الله بن المَوَّاق اتفاق أهل التمييز من أهل الحديث على ذلك في كتابه "بُغْيَة النُّقَّاد" عند ذكر عبد الرحمن بن طرفة: "أن جده عرفجة قطع أنفه يوم الكلاب" .. الحديث، فقال: الحديث عند أبي داود مرسل، وقد نبه ابن السكن على إرساله، فقال: فذكر الحديث مرسلا قال ابن المواق: وهو أمر بَيّنٌ لا خلاف بين أهل التمييز من أهل هذا الشأن في انقطاع ما يُروى كذلك إذا علم أن الراوي لم يدرك زمان القصة في الحديث. أفاده الحافظ أبو الفضل العراقي في شرح ألفيته في المصطلح، ونقلته منه في شرحي على ألفية الحديث للسيوطي المسمى "إسعافَ ذوي الوطر، في شرح ألفية الأثر" (١).


(١) هذا الشرح مختصر من الشرح المطول المسمى "فتح المعطي البر" لي أيضا لكنه لم يكمل، وأما المختصر فقد كمل، وطبع، وانتفع به طلبة العلم. والحمد لله.