للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال القرطبي: الحكمة في تخصيص موسى بمراجعة النبي - صلى الله عليه وسلم - في أمر الصلاة، لعلها لكون أمة موسى كُلِّفت من الصلوات بما لم تُكَلَّف به غيرها من الأم فثقلت عليهم، فأشفق موسى على أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - من مثل ذلك، ويُشِير إلى ذلك قوله: "إني جَرَّبت الناس قبلك". انتهى.

وقال غيره: لعلها من جهة أنه ليس في الأنبياء من له أتباع أكثر من موسى، ولا من له كتاب أكبر ولا أجمع للأحكام من هذه الجهة مضاهيًا للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فناسب أن يتمنى أن يكون له مثل ما أنعم به عليه من غير أن يُرِيد زواله عنه، وناسب أن يُطْلِعَهَ على ما وَقَعَ له، وينصحه فيما يتعلق به، ويحتمل أن يكون موسى لَمَّا غَلَبَ عليه في الابتداء الأسف على نقص حظ أمته بالنسبة لأمة محمد، حتى تمنى ما تمنى، أن يكون استَدْرَكَ ذلك ببذل النصيحة لهم والشفقة عليهم، ليُزِيل ما عساه أن يُتَوَهَّمَ عليه فيما وقع منه في الابتداء.

وذكر السهيلي أن الحكمة في ذلك أنه كان رَأى في مناجاته صفة أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، فدعا الله أن يجعله منهم، فكان إشفاقه عليهم كعناية مَن هُوَ منهم. اهـ. "فتح" جـ ٧ ص ٢٥٢.

قال النبي - صلى الله عليه وسلم - (فرجعتُ إِلى ربي، فسألته أَن يُخَفِّفَ عني، فجعلها أربعين) أي حط منها عشرة، فصارت أربعين صلاة (ثم رجعت إلى موسى عليه السلام، فقال:) (ما) استفهامية (صنعت) في المراجعة، (قلت: جعلها أربعين) صلاة (فقال لي) موسى (مثل مقالته الأولى) وقد بينها في الرواية الآية: "فقال: راجع ربك، فإن أمتك لا تطيق ذلك".