للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وبيانه للعلل جعله يتكلم كثيرا في الجرح والتعديل الذي تلقفه الأئمة من بعده فاعتمدوه وجعلوه حجة في التعديل أو التجريح، فإذا أخذت كتابا من كتب الرجال، فقلما تجد رجلًا إلا وقد أبدى فيه رأيه، نقلوا ذلك من سننه، ومن كتبه الأخرى، وإنهم ليجعلون تعديله حجة، وتوثيقه معتمدًا، وكذلك جرحه؛ لأنه كان في غاية التحري والدقة، حتى إن قصته مع أحمد بن صالح المصري التي لم يوافقه عليها الجمهور قالوا عن ذلك: إن كلامه حقّ لكنه من باب عين السخط تبدي المساويا، وذلك مغمور في فضائل أحمد بن صالح المصري، وفي هذا يقول أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله تعالى: قلت: النسائي إمام حجة في الجرح والتعديل، وإذا نسب مثله إلى مثل هذا كان وجهه: أن عين السخط تبدي مساوئ لها في الباطن مخارج صحيحة تَعْمَى عنها بحجاب السخط، لا أن ذلك يقع من مثله تعمدا لقدح يعلم بطلانه، وذلك أن أحمد بن صالح كانت آفته الكبْر وشَراسَة الخلق، قال المحقق المذكور: وأقول: لو كان ذلك بغير حق لكان مغمورا في بحر فضائل أبي عبد الرحمن رحمه الله؛ لأن الإنسان مهما بلغ لا يمكنه الانسلاخ من بشريته.

قال الجامع: قلت في هذا الكلام نظر، إذ لو تبين أن النسائي جرحه وهو يعلم كونه بغير حق لارتفعت الثقة عنه، إذ لا يؤمن أن يَجرَح كل من غضب عليه بغير ما عليه، وما أبعدَ العلماءَ عن هذا، ولا سيما أهل الحديث، بل الصواب ما أول به أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله تعالى. فتأمل. والله أعلم.

وقد قيل: إن النسائي يخرج عن رجال مجهولين حالا أو عينا، وواقع الأمران إخراجه عن هذه الطائفة لا تغض من قيمة مصنفه خصوصا المجهول الحال، وذلك مذهب لعدد من المحدثين أصحاب