قال الجامع عفا الله عنه: وفي هذا نظر فإن أبا داود كلامه على الأحاديث المعللة كثر من كلام النسائي فيها، بل الأمر الذي فاق فيه النسائي عليه تشدده في الرجال وانتقاء الأحاديث، فتأمل.
قال: وأما الترمذي: فكتابه فيه الكثير من الصنعة الحديثية، وبعض البيان للعلل مع بيان مذاهب الفقهاء، إلا أنه أخرج عن رجال تحاشى النسائي، وأبو داود الإخراجَ لهم.
وأما النسائي: فيُعنَى بكل ذلك، وَيُبَيِّن العلل، ويُبْرزُ أوهامَ الحفاظ الأعلام، فتجد في كتابه ما لا تجده في غيره من هذا الجانب، والجوانب الأخرى، لا يقصر عنهم فيها، وإليك بعض الأمثلة: يقول: أخبرنا محمَّد بن المثنى، قال: حدثنا الأنصاري، قال: حدثنا محمَّد بن عمرو، عن أبي الزناد، عن خارجة بن زيد، عن زيد بن ثابت، قال: نزلت هذه الآية {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا}[النساء: آية ٩٣] الآية كلها بعد الآية التي نزلت في الفرقان بستة أشهر. قال أبو عبد الرحمن: محمَّد بن عمرو لم يسمعه من أبي الزناد. أخبرنا محمَّد بن بشار عن عبد الوهاب، قال: حدثنا محمَّد بن عمرو، عن موسى بن عقبة، عن أبي الزناد، عن خارجة بن زيد، عن زيد في قوله:{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} .. قال نزلت هذه الآية بعد التي في الفرقان بثمانية أشهر {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ}[الفرقان: آية ٦٨]، قال أبو عبد الرحمن: أدخل أبو الزناد بينه وبين خارجة مجالد بن عوف.
أخبرنا عمرو بن علي، عن مسلم بن إبراهيم فقال: حدثنا حماد بن سلمة، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن أبي الزناد، عن مجالد بن عوف، قال: سمعت خارجة بن زيد بن ثابت يحدث عن أبيه، أنه قال: وساق الحديث.