(فقلنا: يا رسول الله قد بايعناك) وإنما قالوا ذلك لظنهم نسيانه - صلى الله عليه وسلم - كونهم مبايعين له، حيث إنهم كانوا قريبي عهد بالمبايعة؛ ففي رواية أبي داود "وكنا حديث عهد ببيعة"، فأرادوا تذكيره بذلك، أو أنهم أرادوا أن يستوضحوا ما هي البيعة المطلوبة منهم الآن؟ كما يدل عليه قولهم (فعلام) أي على أي شيء نبايعك، فـ "ما" استفهامية، وحذفت ألفها تخفيفًا، لكونها مجرورة، وتلحقها هاءُ السكت في الوقف، كما قال في "الخلاصة":
وفي بعض النسغ "فعلاما" بإثبات الألف، وفي رواية أبي داود:"فعلام نبايعك".
(قال) - صلى الله عليه وسلم - (على أن تعبدوا الله) متعلق بمحذوف، أي تبايعوني على عبادة الله تعالى، أي طاعته (ولا تشركوا به شيئًا) يحتمل أن يكون "شيئًا" مفعولًا به، أي لا تشركوا به شيئًا من الأشياء من غير فرق بين حيّ وميت وجَمَاد وحيوان، ويحتمل أن يكون مفعولًا مطلقًا، أي لا تشركوا به شيئًا من الشرك الأكبر، والأصغر، والجليّ، والخَفيّ، (والصلوات الخمس) عطف على قوله "أن تعبدوا الله"، أي وعلىَ إقامة الصلوات الخمس، زاد في رواية أبي داود "وتسمعوا، وتطيعوا"، قال عوف رضي الله عنه (وأسرَّ) من الإسرار أي أخفى النبي - صلى الله عليه وسلم - (كلمة خَفيَّة) أي لم يجهر بها كما جهر بما تقدم، وقوله (أن لا تسألوا الناس شيئًا) في تأويل المصدر بدل من "كلمة"، أو خبر لمحذوف؛ أي هي عدم سؤال الناس شيئًا.