لعبيدة: سل عَلِيًّا عن الصلاة الوسطى، فسأله؟ فقال: كنا نُرَى أنها الصبح، حتى سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول يوم الأحزاب:"شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر" انتهى.
قال الحافظ رحمه الله: وهذه الرواية تَدْفَعُ دَعْوَى من زَعَمَ أن قوله: "صلاة العصر"، مدرج من تفسير بعض الرواة، وهي نص في أن كونها العصر من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأن شبهة من قال: إنها الصبح قوية، لكن كونها العصر هو المعتمد.
وبه قال ابن مسعود وأبو هريرة، وهو الصحيح من مذهب أبي حنيفة، وقول أحمد، والذي صار إليه معظم الشافعية، لصحة الحديث فيه. قال الترمذي: هو قول أكثر علماء الصحابة.
وقال الماوردي: هو قول جمهور التابعين. وقال ابن عبد البر: هو قول أكثر أهل الأثر، وبه قال من المالكية: ابن حبيب، وابن العربي، وابن عَطِيَّة، ويؤيده أيضًا ما رواه مسلم عن البراء بن عازب:"نزلت حافظوا على الصلوات، وصلاة العصر، فقرأناها ما شاء الله، ثم نسخت، فنزلت حافظوا على الصلوات، والصلاة الوسطى"، فقال رجل: فهي إذن صلاة العصر، فقال: أخبرتك كيف نزلت".
القول الرابع: أنها المغرب، نقله ابن أبي حاتم بإسناد حسن عن ابن عباس، قال: "صلاة الوسطى هي المغرب"، وبه قال قَبِيصَةُ بن ذُؤَيب، أخرجه ابن جرير، وحجتهم أنها معتدلة في عدد الركعات، وأنها لا تقصر في الأسفار، وأن العمل مَضى على المُبَادَرَةِ إليها، والتعجيل لها