العراقي: قلت: قد رواه الطبراني في مسند الشاميين من غير طريق الحجاج من رواية سعيد بن بشر بن قتادة، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس، وأجاب من أوجبه بأنه ليس المراد بالسنة خلاف الواجب، بل المراد به الطريقة، واحتجوا على وجوبه بقوله تعالى:{أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا}[النحل: آية ١٢٣]، وثبت في الصحيح من حديث أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اختتن إبراهيمُ النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو ابن ثمانين سنة بالقدوم"، وبما روى أبو داود من قوله - صلى الله عليه وسلم - للرجل الذي أسلم: "ألق عنك شعرَ الكُفْر، واختتن، واستدل ابن سريج على وجوبه بالإجماع على تحريم النظر إلى العورة فلولا أن الختان فرض لما أبيح النظر إليها من المختون، ونقضه ابن عبد البر بجواز نظر الطبيب، وليس الطب واجبا إجماعا، واحتج القفال لوجوبه بأن بقاء القُلْفَة تحبس النجاسة، وتمنع صحة الصلاة فتجب إزالتها، وشبهه بالنجاسة في باطن الفم، وقاسه بعض الشافعية على وجوب القطع في السرقة، فقال: هو قطع جزء من البدن لا يستخلف تعبدا فوجب كالقطع، واحترز بعدم الاستخلاف عن الشعر والظفر، وبالتعبد عن القطع للآكله، فإنه لا يجب. اهـ كلام العراقي في طرح التثريب جـ ٢/ ص ٧٥.
وقال الحافظ رحمه الله تعالى: وقد ذهب إلى وجوب الختان دون باقي الخصال الخمس المذكورة في الباب: الشافعيّ وجمهورُ أصحابه، وقال به من القدماء عطاء حتى قال: لو أسلم الكبير لم يتم إسلامه حتى يختتن، وعن أحمد وبعض المالكية: يجب، وعن أبي حنيفة واجب، وليس بفرض، وعنه سنة يأثم بتركه، وفي وجه للشافعية لا يجب في حق النساء، وهو الذي أورده صاحب المغني عن أحمد، وذهب أكثر العلماء، وبعضى الشافعية إلى أنه ليس بواجب، ومن حجتهم حديث