للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

شداد (١) بن أوس رفعه: "الختان سنة للرجال، مكرمة للنساء"، وهذا لا حجة فيه لما تقرر أن لفظ السنة إذا ورد في الحديث لا يراد به التي تقابل الواجب، لكن لما وقعت التفرقة بين الرجال والنساء في ذلك دل على أن المراد افتراق الحكم، وتعقب بأنه لم ينحصر في الوجوب فقد يكون في حق النساء للإباحة على أن الحديث لا يثبت لأنه من رواية حجاج بن أرطاة، ولا يحتج به، أخرجه أحمد، والبيهقي، لكن له شاهد أخرجه الطبراني في مسند الشاميين من طريق سعيد بن بشر، عن قتادة، عن

جابر بن زيد عن ابن عباس، وسعيد مختلف فيه، وأخرجه أبو الشيخ، والبيهقي من وجه آخر عن ابن عباس، وأخرجه البيهقي أيضا من حديث أبي أيوب.

واحتجوا أيضا بأن الخصال المنتظمة مع الختان ليست بواجبة إلا عند بعض من شَذَّ فلا يكون الختان واجبًا، وأجيب بأنه لا مانع أن يراد بالفطرة، وبالسنة في الحديث القدر المشترك الذي يجمع الوجوب والندب، والطلب المؤكد فلا يدل ذلك على عدم الوجوب، ولا ثبوته، فيطلب الدليل من غيره، وأيضا فلا مانع من جمع مختلفي الحكم بلفظ أمر واحد كما في قوله تعالى: {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: ١٤١] فإيتاء الحق واجب، والأكل مباح هكذا تمسك به جماعة وتعقبه الفكهاني في شرح العمدة، فقال: الفرق بين الآية، والحديث أن الحديث تضمن لفظة واحدة استعملت في الجميع فتعين أن يحمل على أحد الأمرين: الوجوب أو الندب بخلاف الآية، فإن صيغة الأمر تكررت فيها، والظاهر الوجوب فصرف في أحد الأمرين بدليل، وفي الآخر على الأصل، وهذا التعقب إنما يتم على طريقة من يمنع استعمال اللفظ الواحد في معنيين، وأما من يجيزه كالشافعية فلا يرد عليهم.


(١) هكذا في الفتح: شداد بن أوس والذي تقدم عن العراقي أنه من رواية أبي المليح عن أبيه وهو الذي في مسند أحمد ٥/ ٧٥. فتنبه.