الأول: أن القُلْفَةَ تحبس النجاسة فتمنع صحة الصلاة كمن أمسك نجاسة في فمه، وتعقب بأن الفم في حكم الظاهر بدليل أن وضع المأكول فيه لا يفطر به الصائم بخلاف داخل القلفة فإنه في حكم الباطن، وقد صرح أبو الطيب الطبري بأن هذا القدر عندنا مغتفر.
الثاني: ما أخرجه أبو داود من حديث كليب جد عثيم بن كثير أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له:"ألق عنك شعر الكفر، واختتن"، مع ما تقرر أن خطابه للواحد يشمل غيره حتى يقوم دليل الخصوصية، وتعقب بأن سند الحديث ضعيف، وقد قال ابن المنذر: لا يثبت فيه شيء.
الثالث: جواز كشف العورة من المختون، وسيأتي أنه إنما شرع لمن بلغ أو شارف البلوغ وجوازُ النظر للخاتن إليها، وكلاهما حرام، فلو لم يجب لما أبيح ذلك، وأقدَمُ مَن نُقل عنه الاحتجاجُ بهذا أبو العباس بن سريج نقله عنه الخطابي وغيره، وذكر النووي أنه رآه في كتاب الودائع المنسوب لابن سريج قال: ولا أظنه يثبت عنه، قال أبو شامة: وقد عبر عنه جماعة من المصنفين بعده بعبارات مختلفة، كالشيخ أبي حامد، والقاضي الحسين، وأبي الفرج السرخسي، والشيخ في المهذب، وتعقبه عياض بأن كشف العورة مباح لمصلحة الجسم والنظر إليها يباح للمداواة، وليس ذلك واجبا إجماعا، وإذا جاز في المصلحة الدنيوية كان في المصلحة الدينية أولى، وقد استشعر القاضي حسين هذا، فقال: فإن قيل: قد يترك الواجب لغير الواجب كترك الإنصات للخطبة بالتشاغل بركعتي التحية، وكترك القيام في الصلاة لسجود التلاوة، وكشف العورة للمداواة مثلا، وأجاب عن الأولين، ولم يجب عن الثالث، وأجاب النووي بأن كشف العورة لا يجوز لكل مداواة فلا يتم المراد،