وقَوَّى أبو شامة الإيراد بأنهم جوزوا لغاسل الميت أن يحلق عانة الميت، ولا يتأتى ذلك للغاسل إلا بالنظر واللمس، وهما حرامان، وقد أجيزا لأمر مستحب.
الرابع: احتج أبو حامد وأتباعه كالماوردي بأنه قطع عضو لا يستخلف من الجسد تعبدا فيكون واجبا كقطع اليد في السرقة، وتعقب بأن قطع اليد إنما أبيح في مقابلة جُرْم عظيم، فلم يتم القياس.
الخامس: قال الماوردي في الختان إدخال ألم عظيم على النفس، وهو لا يشرع إلا في إحدى ثلاث خصال: لمصلحة أو عقوبة أو وجوب، وقد انتفى الأولان، فثبت الثالث، وتعقبه أبو شامة بأن في الختان عدة مصالح، كمزيد الطهارة والنظافة فإن القلفة من المستقذرات عند العرب، وقد أكثر، ذم الأقلف في أشعارهم، وكان للختان عندهم قدر، وله وليمة خاصة به، وأقر الإسلام ذلك.
السادس: قال الخطابي محتجا بأن الختان واجب بأنه من شعار الدين، وبه يعرف المسلم من الكافر حتى لو وجد مختونا بين جماعة قتلى غير مختونين صُلي عليه، ودفن في مقابر المسلمين، وتعقبه أبو شامة بأن شعائر الدين ليست كلها واجبة، وما ادعاه في المقتول مردود؛ لأن اليهود، وكثير من النصاري يختتنون فليقيد ما ذكر بالقرينة.
قال الحافظ: قد بطل دليله. قال البيهقي: أحسن الحجج أن يحتج بحديث أبي هريرة الذي في الصحيحين مرفوعا: "اختتن إبراهيم وهو ابن ثمانين سنة بالقدوم" وقد قال الله تعالى: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ}[النحل: ١٢٣]، وصح عن ابن عباس: أن الكلمات التي ابتلي بهن إبراهيم فأتمهن هى خصال الفطرة، ومنهن الختان والابتلاء غالبا إنما يقع بما يكون واجبًا، وتعقب بأنه لا يلزم ما ذكر إلا إذا كان