من أنواع البيان؛ لأنه بيان ارتفاع الأمر المنسوخ، وبيان إثبات الأمر الناسخ.
والثاني: أن قولهم: إن المبين لا يكون ناسخًا دعوى لا دليل عليها، وكل دعوى تَعَرَّت من برهان فهي فاسدة ساقطة.
واحتجوا بقوله تعالى:{وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ}[النحل: ١٠١] قال أبو محمد: وهذا لا حجة لهم فيه، لأنه لم يقل تعالى: إني لا أبدل آية إلا مكان آية، وإنما قال لنا: إنه يبدل آية مكان آية، ونحن لم ننكر بل أثبتناه، وقلنا: إنه يبدل آية، ويفعل أيضا غير ذلك، وهو تبديل وحي -غير ذلك- متلو مكان آية، ببراهين أخرى، وكل ما أبطلنا به أقوالهم في دليل الخطاب، فهو مبطل لاحتجاجهم بهذه الآية.
واحتجوا بقوله تعالى:{وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ}[طه: ١١٤]، قالوا: فإذا منعه الله تعالى من أن يبين القرآن من قبل أن يقضى إليه وحيه، فهو من نسخه أشد منعًا.
قال أبو محمد: وهذا شغب وتمويه، لأننا لم نجز قط أن يكون الرسول عليه السلام ينسخ الآيات من القرآن قبل أن يقضى إليه وحيُ نَسْخهَا، وقائل ذلك عندنا كافر، وإنما قلنا: إنه عليه السلام إذا قضى إليه رَبه تعالى وحيًا غير متلو بنسخ آية أبداه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الناس حينئذ بكلامه، فكان سنة مبلغة وشريعة لازمة ووحيًا منقولًا، ولا