المصحف غير القرآن، ولا يتلى معه غيره مخلوطًا به، وفي الإعجاز فقط. وليس في العالَم شيئان إلا وهما يشتبهان من وجه، ويختلفان من آخر، لابد من ذلك ضرورة، ولا سبيل إلى أن يختلفا من كل وجه، ولا أن يتماثلا من كل وجه، وإذ قد صح هذا كله، فالعمل بالحديث الناسخ أفضل وخير من العمل بالآية المنسوخة، وأعظم أجرًا، كما قلنا قبل، ولا فرق، وقد قال تعالى:{وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ}[البقرة: ٢٢١]، وقد تكون المشركة خيرًا منها في الجمال، وفي أشياء ممت الأخلاق ونحوها، وإن كانت المؤمنة خيرًا عند الله تعالى وهذا شيء يُعلَمُ حِسًا ومشاهدة، وبالله التوفيق.
قال أبو محمد: وهذا لا حجة لهم فيه، لأنه كل ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فالله عز وجل هو المثبت له، وهو تعالى الماحي به لما شاء أن يمحو من أوامره، وكلٌ من عند الله، وهذه الآية حجة لنا عليهم في أنه تعالى يمحو ما شاء بما شاء على العموم، ويدخل في ذلك السنة والقرآن.
واحتجوا أيضًا بقوله تعالى:{لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}[النحل: ٤٤] قالوا: والمبين لا يكون ناسخًا.
قال أبو محمد: وهذا خطأ من وجهين:
أحدهما: ما قد بينا في أول الكلام في النسخ، من أن النسخ نوع