وإنما نقول: إنه عليه السلام بَدَّلَه بوحي من عند الله تعالى، كما قال آمرًا له أن يقول:{إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ}[يونس: ١٥]، فَصَحَّ بهذا نصًا جواز نسخ الوحي بالوحي، والسنة وحي، فجائز نسخ القرآن بالسنة، والسنة بالقرآن.
واحتجوا أيضًا بقوله تعالى:{مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا}[البقرة: ١٠٦]، قالوا: والسنة ليست مِثْلًا للقرآن، ولا خيرًا منه.
قال أبو محمد: وهذا أيضًا لا حجة لهم فيه، لأن القرآن أيضًا ليس بعضه خيرًا من بعض، وإنما المعنى نأت بخير منها لكم، أو مثلها لكم، ولا شك أن العمل بالناسخ خير من العمل بالمنسوخ قبل أن ينسخ، وقد يكون الأجر على العمل بالناسخ مثل الأجر على العمل بالمنسوخ قبل أن ينسخ، وقد يكون أكثر منه، أو مثله، ولابد من أحد الوجهين، تفضلًا
من الله تعالى، لا إله إلا هو، علينا.
وأيضًا فإن السنة مثل القرآن في وجهين:
أحدهما: أن كلًا منهما من عند الله عز وجل على ما تلونا آنفًا من قوله تعالى {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: ٣، ٤].
والثاني: استواؤهما في وجوب الطاعة بقوله تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ}[النساء: ٨٠]، وبقوله تعالى:{أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ}[النساء: ٥٩]، وإنما افترقا في أن لا يكتب في