قيل له: أخطأت، لأن هذا الحديث يوجب بنصه أنه قبل نزول آية الجلد، لأنه بيان السبيل الذي ذكر الله تعالى، وأمر لهم باستماع تلك السبيل، وأيضًا فإن في الحديث التغريب والجلد، وليس ذلك في الآية التي ذُكِرَت، فالحديث هو الناسخ على الحقيقة، لا سيما إذا كان خصمنا من أصحاب أبي حنيفة، والشافعي، أو مالك، فإنهم لا يرون على الثيب جلدًا، إنما يرون الرجم فقط، فوجب على قولهم الفاسدِ ألا مدخل للآية المذكورة أصل في نسخ الأذى والحبس الذي كان حد الزناة والزواني.
فإن قال قائل منهم: ما نسخ الأذى والحبس إلا ما روي مما كان نازلًا، وهو:"الشيخ والشيخة، فارجموهما البتة"، قيل له، وبالله التوفيق: قد تركتَ قولك، ووافقتنا على جواز نسخ القرآن المتلوّ بما ليس مثله في التلاوة، وبما ليس مثله في أن يكتب في المصحف، فإذا جوزت ذلك، فكذلك كلامه - صلى الله عليه وسلم - بنص القرآن وحي غير متلوّ، وليس ذلك بمانع من أن ينسخ به.
ومما نَسَخَت فيه السنةُ القرآنَ قوله عز وجل:{وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ}[المائدة: ٦]، فإن القراءة بخفض أرجلكم وفتحها، كلاهما لا يجوز إلا أن يكون معطوفًا على الرؤوس في المسح، ولابد، لأنه لا يجوز البتة أن يحال بين المعطوف والمعطوف عليه
بخبر غير الخبر عن المعطوف عليه، لأنه إشكال، وتلبيس، وإضلال،