"عن أبي هريرة" رضي الله تعالى عنه، أنه "قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: خمس" مبتدأ سوغه كونه صفة لمحذوف، أي خصال خمس، أو موصوفًا بمحذوف، أي خمس من الخصال "من الفطرة" خبر المبتدإ، قال العلامة ابن دقيق العيد: رحمه الله: قال أبو عبد الله محمَّد بن جعفر التميمي المعروف بالقزاز في كتاب تفسير غريب صحيح البخاري: الفطرة: تتصرف في كلام العرب على وجوه أذكرها لنَرُدَّ هذا إلى أولاها به: فأحدها فطرة الخلق، فَطَرَه: أنشاه، والله فاطر السموات والأرض، أي خالقهما، والفطرة: الجبلة التي خلق الله الناس عليها، وجبلهم على فعلها، وفي الحديث:"كل مولود يولد على الفطرة" قال قوم من أهل اللغة: فطرة الله التي فطر الناس عليها، أي خَلْقه لهم، وقيل معنى قوله:"على الفطرة" أي على الإقرار بالله الذي كان أقر به لما أخرجه من ظهر آدم، والفطرة: زكاة الفطر (١)
وأولى الوجوه بما ذكرنا أن تكون الفطرة ما جبل الله الخلق عليه، وجبل طباعهم على فعله، وهي كراهة ما في جسده مما هو ليس من زينته وقد قال غير القزاز: الفطرة هي السنة. اهـ كلام ابن دقيق العيد في إحكامه جـ ١/ ص ٣٣٧ - ٣٣٩.
قال الجامع: تقدم تحقيق معناها في الباب السابق، فأرجع إليه تزدد علما.
ثم فصل الخصال بقوله:"قص الشارب" أي قطع الشعر الثابت على الشفة العليا، وتقدم تفسير القص، والشارب في الباب السابق، ويأتي أيضا. "ونتف الإبط" أي نزع الشعر الثابت تحت الجَنَاح. وتقدم في
(١) قوله زكاة الفطر: اعترض الصنعاني على هذا بأنه معنى شرعي لا لغوي فلا يحسن عدُّه من معاني الفطرة اللغوية، انظر العدة ١/ ٣٣٩.