واحتج القائلون بعدم استحباب الإبراد مطلقا بالأحاديث الدالة على فضيلة أول الوقت، وبحديث خباب رضي الله عنه:"شكونا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرمضاء، فلم يُشِكْنا" الذي تقدم في (٤٩٧) وأجابوا عن حديث الباب، وغيره من الأحاديث الداله على الإبراد بأن معناها: صَلُّوها في أول وقتها، أخْذًا من بَرْدِ النَّهَار، وهو أوله.
ورد عليهم بأن هذا تأويل بعيد، يُبطِلُهُ قوله:"فإن شدة الحر من فيح جهنم"، لأن أول وقت الظهر أشد حَرًّا من آخره، وحديث أبي ذر المتقدم صريح في أن المراد بالإبراد التأخير إلى وقت البرد. وقال الخطابي رحمه الله: ومن تأول الحديث على برد النهار، فقد خرج من جملة قول الأئمة.
وأجيب عما تمسكوا به، بأن أحاديث أول الوقت عامة، أو مطلقة، والأمر بالإبراد خاص، فهو مقدم، ولا التفات إلى من قال: التعجيل أكثر مشقة، فيكون أفضل، لأن الأفضلية لم تنحصر في الأشق، بل قد يكون الأخف أفضل، كما في قصر الصلاة في السفر. قاله في "الفتح". جـ ٢ ص٢٢.
وأجيب عن حديث خباب رضي الله عنه بأوجه:
أحدها: أنه إنما لم يُجِبْهُمْ لمَّا سألوا، لأنهم أرادوا أن يؤخروا الصلاة بعد الوقت الذي حده لهم، وأمرهم بالإبراد إليه، ويزيدوا على الوقت المرخص لهم فيه، ومن المعلوم أن حر الرمضاء الذي يسجد