الله عنه، قال:"كنا إذا صلينا خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالظهائر جلسنا على ثيابنا اتقاء الحر"، ورواه أبو عوانة في صحيحه بلفظ "سجدنا" بدل "جلسنا".
وفي "سنن أبي داود" وغيره "كنت أصلي الظهر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فآخذ قبضة من الحصى، لتَبْرُدَ في كفي، أضعها لجبهتي، أسجد عليه، لشدة الحر".
وفي حديث أنس رضي الله عنه في الصحيح:"فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن جبهته من الأرض بسط ثوبه، فسجد عليه"، فهذا هو المنقول عن الصحابة رضي الله عنهم، ولم نجد عنهم أنهم شَكَوْا مشقة المسافة، ولا بُعْد الطريق.
ويمكن أن تكون العلة في ذلك أنه وقت يفوح فيه حر جهنم، ولهيبها، وهو ظاهر قوله:"فإن شدة الحر من فَيْحِ جهنم"، وكونها ساعة يفوح فيها لَهَب جهنم وحرها، يقتضي الكف عن الصلاة، كما في حديث عمرو بن عَبَسَةَ "فإذا اعتدل النهار، فَأقْصِرْ" يعني عن الصلاة، "فإنها ساعة تُسْجَرُ فيها جهنم".
قال الجامع عفا الله عنه: هذه العلة هي أوضح ما يُعَلَّلُ به الأمر "بالإبراد"، لكون الحديث نصًا فيها، فلا معنى للتعليل بغيرها، فحينئذ يستوي في الحكم الجماعةُ، والمنفرد، والحضري، والمسافر، فالقول بالعموم هو الراجح. والله أعلم.