للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال الأثرم بعد ذكر أحاديث التعجيل: والإبراد: فأما التي ذكر فيها التعجيل في غير الحر فإن الأمر عليها، وأما حديث خباب، وجابر، وما كان فيها من شدة الحر، فإن ذلك عندنا قبل أن يأمر بالإبراد. وقد جاء بيان ذلك في حديثين: أحدهما حديث بيان، عن قيس، عن المغيرة بن شعبة: قال: كنا نصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بالهاجرة، فقال لنا: "أبردوا" فتبين لنا أن الإبراد كان بعد التهجير، والحديث الآخر أبْيَنُ من هذا: خالد بن (١) دينار أبو خلدة، قال: سمعت أنسًا، يقول: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كان البرد بَكَّر بَالصلاة، وإذا كان الحر أبرد بالصلاة".

ثالثها: أن الإبراد رخصة، وتقديمه - صلى الله عليه وسلم - كان أخْذًا بالأشق. قال العراقي: وبهذا قال بعض أصحابنا، ونص عليه الشافعي في البويطي، وصححه أبو علي السنجي، لكن الصحيح من مذهبنا أن الإبراد هو الأفضل، فلا يمشي عليه هذا الجواب.

رابعها: أن معنى قوله: "فلم يُشِكنا" لم يُحْوِجْنا إلى شكوى، بل رخص لنا في الإبراد، حكاه القاضي أبو الفرج المالكي عن ثعلب، ويرده أن في بعض طرقه "فما أشكانا"، وقال: "إذا زالت الشمس فَصَلُّوا"، رَوَى هذه الزيادة أبو بكر بن المنذر، كما ذكره ابن القطان.


(١) مبتدأ خبره جملة "قال: سمعت أنسًا" إلخ.