للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الناسُ إلى أن الظل والْفَيْء شيء واحد، وليس كذلك، لأن الظل يكون غُدْوَة وعَشيَّة، ومن أول النهار إلى آخره، ومعنى الظل: السِّتْرُ، ومنه قولهم: "أَنا في ظلك" أي في ذاراك (١) وسِتْرِكَ، ومنه ظل الجَنة، وظل شجرها: إنما هو سترُها ونَوَاحِيهَا، وظل الَليَل: سَوَادُهُ، لأنه يستر كل شيء، قال ذو الرمة (من البسيَط):

قَدْ (٢) أعْسِفُ (٣) النَّازِحَ الَمجْهُولَ (٤) مَعْسِفُهُ … فِي ظِلِّ أخْضَرَ (٥) يَدْعُو هَامَهُ (٦) الْبُومُ

أي في ستر ليل أسود، فكأن معنى ظل الشمس: ما سترته الشخوص من مَسْقِطِهَا، والفيء لا يكون إلا بعد الزوال، ولا يقال لما قبل الزوال: فيء، وإنما سمي بالعشي فيئًا، لأنه ظِلٌّ فَاءَ عن جانب إلى جانب، أي رجع عن جانب المغرب إلى جانب المشرق، والفيء هو الرجوع، ومنه قول الله تعالى: {حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: ٩]، أي ترجع إلى أمر الله. اهـ. ص ٢٣ - ٢٤.

وقال في "المصباح" بعد نقل كلام ابن قتيبة: وقال ابن السكيت:


(١) الذَّرىَ بالفتح والقصر: الكِنُّ، وكل ما كَنَّكَ من الريح الباردة من حائط وشجر. أفاده في "اللسان".
(٢) أي أسير على غير هداية.
(٣) والنازح: الخرف البعيد.
(٤) أي الذي لا يهتدي لطريق السير فيه.
(٥) الأخضر: الأسود.
(٦) الهام: أنثى البوم.