قال الجامع عفا الله عنه: الراجح عندي قول من قال: إن آخر وقت العصر غروب الشمس، فمن أدرك ركعة من العصر فقد أدرك العصر، وإنما كان هذا أرجح، لأن به تجتمع الأدلة، فيحمل حديث جبريل "الوقت ما بين الوقتين"، وحديث "ووقت العصر ما لم تصفر الشمس" على بيان وقت الاختيار، لا لاستيعاب وقت الاضطرار والجواز، وحديث" من أدرك ركعة من العصر فقد أدرك العصر" على بيان وقت الاضطرار والجواز، وهذا الجمع هو الأولى من قول من قال: إن حديث جبريل منسوخ، لأن النسخ لا يصار إليه مع إمكان الجمع، وكذا لا يصار إلى الترجيح، مع إمكانه، ويؤيد هذا الجمع، حديث "تلك صلاة المنافق" الماضي (٥١١)، فمن كان معذورًا كان الوقت في حقه ممتدًا إلى الغروب، ومن كان غير معذور كان الوقت له إلى المثلين، وما دامت الشمس بيضاء نقية، فإن أخرها إلى الاصفرار، وما بعده كانت صلاته صلاة المنافق المذكورة في الحديث. أفاده في "نيل" جـ ٢ ص ٣٤، ٣٥.
والحاصل أن وقت العصر الاختياري ينتهي باصفرار الشمس، ووقت الجواز يمتد إلى آخر النهار، لكن إن كان بلا عذر كان الجواز مع الكراهة. والله أعلم.
إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب.