وأما القص فهو كما قال الحافظ: ما في أكثر الأحاديث، كما في حديث أبي هريرة عند البخاري، والمصنف، وحديث عائشة عند مسلم، وحديث أنس عنده، أيضا، وحديث ابن عمر عند البخاري.
قال الجامع عفا الله عنه:
فلما صحت الأحاديث في الأمرين علمنا أن المكلف مخير فيهما.
قال صاحب المنهل، ١/ ١٨٥ والحاصل أن السنة دلت على الأمرين ولا تعارض، فيختار المكلف أيهما شاء فينبغي لمن يريد المحافظة على السنن أن يستعمل هذا مرة، وهذا مرة، فيكون قد عمل بكل ما ورد. اهـ كلام صاحب المنهل. وهذا أحسن ما يحصل به العمل بالأحاديث المقتضية للأمرين من غير إهمال لبعضها والله أعلم.
"المسألة الخامسة" في فوائد تتعلق بهذا الحديث ذكرها الحافظ رحمه الله:
الأولى: قال النووي: يستحب أن يبدأ في قص الشارب باليمين.
الثانية: يتخير بين أن يقص ذلك بنفسه، أو يولي ذلك غيره، لحصول المقصود من غير هتك مروءة بخلاف الإبط، ولا ارتكاب حرمة بخلاف حلق العانة. قال الحافظ: محل ذلك حيث لا ضرورة، وأما من لا يحسن فقد يباح له إن لم تكن له زوجة تحسن الحلق أن يستعين بغيره بقدر الحاجة، لكن محل هذا إذا لم يجد ما يتنور به، فإنه يغني عن الحلق ويحصل المقصود به. وكذا من لا يَقْوَى على النتف، ولا يتمكن من الحلق إذا استعان بغيره في الحلق لم تهتك المروءة من أجل الضرورة كما تقدم عن الشافعي، وهذا لمن لم يقو على التنور من أجل أن النورة تؤذي الجلد الرقيق كجلد الإبط. وقد يقال: مثل ذلك في حلق العانة من جهة المغابن التي بين الفخذين والأنثيين، وأما الاخذ من الشارب فينبغي