"الأنيس المطرب" عن الفقيه البوعصامي في ترجمته، وذلك أن بعضهم سأل الفقيه المذكور عن حركة آخر الفعل المضارع المجزوم المضعف الآخر، وعن الأمر منه، نحو لم يَشُدّ، وشُدّ؟ فقال: إن لهذه المسألة قصةً اتفقت للراعي رحمه الله مع بعض أصحابه.
قال الراعي: كان لي صاحب في خواص الملك، فسألني يومًا عن الفعل المضارع المجزوم المضعف، وعن الأمر منه؟ فلما شرعت في الجواب، فَهِمتُ منه، كأنه إنما سألني مختبرًا ما عندي، وأنه غير محتاج إلى جوابي، فسكت عنه، فأعاد السؤال مرارًا، فحلفت يمينًا مغلظة أن لا أخبره حتى ينزل من موضع عال، هو به، ويقعد على الأرض وسط المدرسة من غير حائل بينه، وبين الأرض، ويخضع لي، كما يخضع الصبي لمؤدبه، وإلا فهؤلاء العلماء فيهم كفاية عني في هذه المسألة وغيرها.
فردد رحمه الله الأمر في نفسه مرارًا، وأطرق، ثم قال: لا بأس بالذل في طلب العلم، فإنه عِزّ على الحقيقة، ثم فعل ما طُلب منه، والطَّلَبَةُ ينظرون.
فقلت: يا عبد الله لم تجئني هذه المسألة رَخِيصَة، وسأحدثك كيف استوفيتها:
اعلم أني رحلت يومًا لشيخنا وسيدنا أبي الحسن علي بن محمد الأندلسي الغُرْنَاطي رحمه الله، وكان فقيرًا مُقِلًا، وكان أبوه، وأخوه