للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يعيشان من نقل الحطب على حمارين لهما، وكان أبي تاجرًا في سوق القُمَاش.

فكنت أخدم الشيخ خدمة العبيد الناصحين، فأتيت له صبيحة يوم بارد، فقلت: هل من حاجة؟ قال: نعم، ليس عندنا ماء، ثم أخرج إليّ سَطلًا من نحاس وقُلَّة يسعان أربعين رطلًا من الماء، والماء من بيته على مسافة بعيدة، فأتيت بنحو اثني عشر نَقْلَة حتى امتلأ الزِّير (١)، وجميع أواني الدار.

ثم سلمت عليه، وأردت الخروج، وأنا في غاية التعب، قد ابْتَلَّتْ ثيابي، وامتلأت بالطين، وأنا أرتعد من البرد، فلما رأى ما بي، قال: اقعد حتى أعطيك مسألة جليلة، فقعدت معه.

فقال: ذكر صاحب الدار (٢) المكنون إنه وصل رجل إلى أشبيلية يقصد قراءة الحديث على أبي بكر الحافظ، فلما قرأ عليه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما لم تصفر الشمس"، وفي الحلقة جماعة من الطلبة، فيهم أبو بكر الشلوبين، فقال الشيخ: كيف تضبطون الراء من قوله: "ما لم تصفر الشمس"، فقالوا بأجمعهم بالفتح، ما عدا أبا بكر، فإنه بقي ساكتًا.

فأنشد الشيخ:

أورَدَها سَعدٌ وَسَعْدٌ مُشْتَمِلْ … مَا هَكَذَا يا سَعْدُ تورَدُ الإِبلْ


(١) الزِّيرُ بالكسر: الدَّنُّ. اهـ "ق".
(٢) هكذا الدار ولعله الدُّرّ المكنون.