والثاني: ذكره الخطابي أنه يحتمل أنهم لما أمروا بالتعجيل صلوا بين الفجر الأول، والثاني طلبًا للثواب، فقيل لهم: صلوا بعد الفجر الثاني، وأصبحوا بها، فإنه أعظم لأجركم.
فإن قيل: لو صلَّوا قبل الفجر لم يكن فيها أجر، فالجواب أنهم يؤجرون على نيتهم، وإن لم تصح صلاتهم، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا اجتهد الحاكم، فأخطأ فله أجر".
وأما الجواب عن حديث ابن مسعود رضي الله عنه، فمعناه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى الفجر في هذا اليوم قبل عادته في باقي الأيام، وصلى في هذا اليوم أول طلوع الفجر، ليتسع الوقت لمناسك الحج، وفي غير
هذا اليوم كان يؤخر عن طلوع الفجر قدر ما يتوضأ المحدث، ويغتسل الجنب، ونحوه، فقوله قبل ميقاتها معناه قبل ميقاتها المعتاد بشيء يسير، والجواب عن قولهم: الإسفار يفيد كثرة الجماعة، ويتسع به وقت النافلة إن هذه الفائدة لا تلحق بفائدة فضيلة أول الوقت، ولهذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُغَلِّس بالفجر. اهـ "المجموع" بتصرف يسير جـ ٣ ص ٥١ - ٥٤.
قال الجامع عفا الله عنه: في بعض هذه الأجوبة تعسف ظاهر، وأحسن الأجوبة عندي، وأولاها في الجمع بين الأحاديث جواب من أجاب بأن حديث الإسفار معناه مد القراءة إلى الإسفار، فيكون الدخول في القراءة في الغلس، والخروج في الإسفار.