ذكر إسناده إلى الطحاوي من حديث إبراهيم النخعي أنه اجتمع الصحابة على التنوير"، قال: وإسناده صحيح. ورَدّ الرابع بأن الإسفار بالفجر إيقاعها فيه، فإنه الذي يفيده اللفظ، فإنها اسم لمجموعها، فيلزم إدخال مجموعها فيه، ثم قال: فالأولى حمل التغليس في حديث الكتاب على غلس المسجد، لأن بيتها رضي الله عنها كان فيه، وكان سقفه عريشًا، ونحن نشاهد الآن أنه يظن بقاء الغلس داخل المسجد، وصَحْنُهُ قد انتشر فيه ضوء الفجر، وهو الإسفار، وإنما وجب هذا الاعتبار لما وجب من ترجيح رواية الرجال، فإن الحال أكشف لهم في صلاة الجماعة، سيما ابن مسعود، وقد قال: "ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة إلا لميقاتها، إلا صلاتين: المغرب، والعشاء بجمع، وصلى الفجر يومئذ قبل ميقاتها"، مع أنه كان بعد الفجر، كما يفيده لفظ البخاري، "والفَجَرَ حينَ بَزغً الفجرُ"، فعلم أن المراد قبل ميقاتها الذي اعتاد الأداء فيه، لأنه غلس يومئذ. انتهى.
قال الصنعاني رحمه الله: أما التأويل بأن عائشة رضي الله عنها ظنت شهود النساء بغلس، لكونها تحت سقف بيتها، فظاهر أكثر الروايات ينافيه، لقولها "ثم ينقلبن إلى بيوتهن حين يقضين الصلاة ما يعرفهن أحد من الغلس"، واللفظ الآخر فيه، كما أسلفناه، فإنه ظاهر أن عدم معرفتهم لهن بعد الانقلاب في الأزِقَّةِ والطرقات، فلو كان انقلابهن
بعد الإسفار لعُرِفْنَ فيها، ويبعد أن عائشة عبرت عن ظنها أنه غلس،