العموم في كل ذات صدق عليها أنها داخلة، فإذا قال قائل هو مطلق في الأزمان فأعمل به في الذوات الداخلة الدار في أول النهار مثلا ولا أعمل به في غير ذلك الوقت لأنه مطلق في الزمان وقد عملت به مرة فلا يلزم أن أعمل به مرة أخرى لعدم عموم المطلق، قلنا له: لما دلت الصيغة على العموم في كل ذات دخلت الدار ومن جملتها الذوات الداخلة في آخر النهار فهذا أخرجت تلك الذوات فقد أخرجت ما دلت الصيغة على دخوله وهي كل ذات، وهذا الحديث أحد ما يستدل به على ما قلناه، فإن أبا أيوب من أهل اللسان والشرع، وقد استعمل قوله "لا تستقبلوا ولا تستدبروا" عاما في الأماكن، وهو مطلق فيها وعلى ما قال هؤلاء المتأخرون لا يلزم منه العموم، وعلى ما قلناه يعم لأنه إذا خرج عنه بعض الأماكن خالف صيغة العموم في النهي عن الاستقبال والاستدبار. اهـ إحكام الأحكام جـ ١/ ص ٢٤٠ - ٢٤٦ بنسخة العدة.
"المسألة السادسة": قول أبي أيوب في الحديث المذكور: "ونستغفر الله عز وجل".
قال ابن دقيق العيد: قيل يراد به ونستغفر الله لباني الكنيف على هذه الصورة الممنوعة عنده، وإنما حملهم على هذا التأويل أنه إذا انحرف عنها لم يفعل ممنوعا، فلا يحتاج إلى الاستغفار، والأقرب أنه استغفار لنفسه، ولعل ذلك لأنه استقبل واستدبر بسبب موافقته لمقتضى النهي غلطا أو سهوا، فيتذكر، فينحرف، ويستغفر الله.
فإن قلت: فالغالط والساهي لم يفعلا إثما فلا حاجة به إلى الاستغفار قلت: أهل الورع والمناصب العلية في التقوى قد يفعلون مثل هذ بناء على نسبتهم التقصير إلى أنفسهم في عدم التحفظ ابتداء والله أعلم. اهـ إحكام الأحكام جـ ١/ ٥٥ - ٥٦.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب".