للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"المسألة الخامسة" أنه وقع في رواية أبي أيوب عند الشيخين وغيرهما قال أبو أيوب "فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت نحو الكعبة فننحرف عنها ونستغفر الله تعالى".

قال ابن دقيق العيد: فيه دليل على أن للعموم صيغة عند العرب وأهل الشرع على خلاف ما ذهب إليه بعض الأصوليين، وهذا أعني استعمال صيغة العموم فرد من الأفراد له نظائر لا تحصى، وإنما نبهنا عليه على سبيل ضرب المثل، فمن أراد أن يقطع بذلك فليتتبع نظائرها يجدها.

قال: أولع بعضُ أهل العصر وما يقرب منه بأن قالوا: إن صيغة العموم إذا وردت على الذوات مثلا أو على الأفعال كانت عامة في ذلك مطلقة في الزمان والمكان والأحوال والمتعلقات، ثم يقولون يكفي في العمل به صورة واحدة، فلا يكون حجة فيما عداها، وأكثروا من هذا السؤال فيما لا يحصى من ألفاظ الكتاب والسنة، وصار ذلك ديدنا لهم في الجدال، وهذا عندنا باطل، بل الواجب أن ما دل على العموم في الذوات مثلا يكون دالا على ثبوت الحكم في كل ذات تناولها اللفظ، ولا تخرج عنها ذات إلا بدليل يخصه، فمن أخرج شيئًا من تلك الذوات فقد خالف مقتضى العموم، نعم المطلق يكفي في العمل به مرة كما قالوا، ونحن لا نقول بالعموم في هذه المواضع من حيث الإطلاق، وإنما قلنا من حيث المحافظة على ما تقتضيه صيغة العموم في كل ذات، فإن كان المطلق مما لا يقتضي العمل به مرة واحدة مخالفة لمقتضى صيغة العموم؛ اكتفينا في العمل به بمرة واحدة، وإن كان العمل به مرة واحدة مما يخالف مقتضى صيغة العموم، قلنا بالعموم محافظة على مقتضى صيغته، لا من حيث إن المطلق يعم.

مثال ذلك: إذا قال من دخل داري فأعطه درهما فمقتضى الصيغة