لكنك سيد بني كنانة، فقم، فأجِرْ بين الناس، ثم الْحَقْ بأرضك، فقام، فقال: يا أيها الناس قد أجرت بين الناس، ثم ركب بعيره، وانطلق، فلما قدم مكة أخبرهم، قالوا: فهل أجاز لك محمدٌ؟ قال: لا، قالوا: فما يغني عنك ما قلت؟ قال: ما وجدت غير ذلك. فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - الناس بالجهاز، وأمر أهله أن يجهزوه، فدخل أبو بكر على عائشة، وهي تحرك بعض الجهاز. قال: أين ترينه يريد؟ قالت: لا أدري.
ثم أعلم الناس أنه قاصد مكة، وأمر بالجد، ثم قال:"اللهم خذ الإخبار والعيون عن قريش"، ثم خرج في عشرة آلاف حتى نزل بَمرِّ الظَّهْران، وعَمِيَتْ أخباره عن قريش، فلا يأتيهم عنه خبر، وخرج في تلك الليلة أبو سفيانَ، وحَكِيم بن حِزام، يتجسسان الإخبار.
وكان العباس لقي النبي - صلى الله عليه وسلم - بالطريق مهاجرًا بعياله من مكة إلى المدينة، قال العباس: فلما نزل بمر الظهران قلت: وَاصَبَاحَ قريش، إن دخل مكة عَنْوَةً قبل أن يستأمنوه إنه لهلاكهم إلى آخر الدهر، فجلس على بغلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البيضاء، وخرج لعله يجد بعض الحطابة يأتي مكة فيخبرهم، وإذا هو يسمع كلام أبي سفيان، وبديل ابن ورقاء، خرجا وهما يتراجعان، وأبو سفيان يقول: ما رأيت كالليلة نيرانًا قطُّ، فقال العباس، قال: أبا الفضل مالك؟