الأذان قبل الفجر هو وقت السحور، وهو أحد الأوجه في المذهب -يعني المذهب الشافعي- واختاره السبكي في شرح المنهاج، وحَكَى تصحيحه عن القاضي حسين، والمتولي، وقطع به البغوي، وكلامُ ابن دقيق العيد يشعر به، فإنه قال بعد أن حكاه: يُرَجَّحُ هذا بأن قوله: "إن بلالًا ينادي بليل" خبر يتعلق به فائدة للسامعين قطعًا، وذلك إن كان وقت الأذان مشتبهًا محتملًا لأن يكون عند طلوع الفجر، فبين - صلى الله عليه وسلم - أن ذلك لا يمنع الأكل والشرب، بل الذي يمنعه طلوع الفجر الصادق، قال: وهذا يدل على تقارب وقت أذان بلال من الفجر. انتهى.
ويقويه أيضًا ما تقدم من أن الحكمة في مشروعيته التأهب لإدراك الصبح في أول وقتها. وصحح النووي في أكثر كتبه أن مبدأه من نصف الليل الثاني، وأجاب عن الحديث في شرح مسلم، فقال: قال العلماء: معناه: أن بلالًا كان يؤذن، ويتربص بعد أذانه للدعاء ونحوه، فإذا قارب طلوع الفجر نزل، فأخبر ابن أم مكتوم، فيتأهب بالطهارة وغيرها، ثم يرقى ويشرع في الأذان مع أول طلوع الفجر.
قال الحافظ: وهذا -مع وضوح مخالفته لسياق الحديث- يحتاج إلى دليل خاص لما صححه حتى يسوغ له التأويل.
واحتج الطحاوي لعدم مشروعية الأذان قبل الفجر بقوله: لما كان بين أذانيهما من القرب ما ذكر من حديث عائشة ثبت أنهما كانا يقصدان وقتًا واحدًا، وهو طلوع الفجر، فيخطئه بلال، ويصيبه ابن أم