المسألة الرابعة: في مذاهب أهل العلم في الأذان للصبح قبل دخول وقتها:
ذهب إلى جواز ذلك مالك، والشافعي، وأحمد، والأوزاعي، وعبد الله بن المبارك، وإسحاق بن راهويه، وأبو ثور، وداود،
والجمهور، ورجع إليه أبو يوسف بعد أن كان يقول بالمنع.
وذهب آخرون إلى منع الأذان بها قبل دخول وقتها كسائر الصلوات، وهو قول سفيان الثوري، وأبي حنيفة، ومحمد بن
الحسن، والحسن بن صالح بن حي، قالوا: فإن أذَّنَ لها قبل الفجر أعاد الأذان بعده. ورَوَى ابنُ أبي شيبة في مصنفه عن عائشة، قالت: ما كانوا يؤذنون حتى ينفجر الفجر، وعن إبراهيم النخعي، قال: شَيَّعْنَا علقمة إلى مكة، فخرجنا بليل، فسمع مؤذنًا يؤذن، فقال: أما هذا فقد خالف أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -، لو كان نائمًا لكان خيرًا له، فإذا طلع الفجر أذن، وعن إبراهيم النخعي أنه كره أن يؤذن قبل الفجر.
وعن عبيد الله بن عمر، قلت لنافع: إنهم كانوا يُنَادُون قبيل الفجر؟ قال: ما كان النداء إلا مع الفجر.
وحَكَى ابنُ حزم عن الحسن البصري، أنه قيل له: الرجل يؤذن قبل الفجر يوقظ الناس؟ فغضب، وقال: عُلُوج (١) فَرَاغٌ، لو أدركهم عمر بن الخطاب لأوجع جنوبهم، من أذن قبل الفجر فإنما صلى أهل ذلك
(١) العُلُوج بالضم جمع علج بكسر، فسكون: يطلق على معان، منها الحمار، وهو المناسب هنا، أي هم مثل الحُمُر.