خرج نفر من وجوههم إلى مكة، منهم سلام بن مِشْكَم وابن أبي الحُقيقِ وابن أخطب وغيرهم من اليهود، فأتوا قريشًا ودعوهم إلى حرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعاهدوهم على قتاله، وقالوا: نكون معكم عليه حتى نستأصله، ونَشَّطُوا قريشًا بزعمهم أن دينهم خير من دين محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ لما أقسم عليهم أبو سفيان، أيُّ الدين خير؟ فاجتمعوا ثم جاءوا غطفان فكلموهم ووعدوهم بنصف تمر خيبر كل عام، فخرجت قريش في أربعة آلاف وعقدت اللواء بدار الندوة وحمله عثمان بن طلحة ومعه ثلثمائة فرس وألف وخمسمائة بعير يقودهم أبو سفيان، ووافقهم بنو سليم بمر الظهران في سبعمائة، يقودهم سفيان بن عبد شمس، وهو أبو أبي الأعور السلمي الذي كان مع معاوية بصفين، وخرجت بنو أسد يقودهم طليحة بن خويلد، وغطفان في فزارة، فأوعبت وهم ألف، يقودهم عيينة بن حِصنْ، وأشجع، وهم أربعمائة، يقودهم مسعود بن رُخَيْلَة، وبنو مرة وهم أربعمائة، يقودهم الحارث بن عوف، وخرج معهم غيرهم، فكانوا عشرة آلاف، وهم ثلاث عساكر، وعِنَاجُ الأمرِ- أي مِلاكُهُ لأبي سفيان، فبلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فندب المسلمين وشاوروهم، فأشار سلمان بالخندق، ولم يكن شأن العرب، بل من مكائد الفرس، فعسكر بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى سَفْحِ سَلْعٍ، وكانوا ثلاثة آلاف، ثم خندق على المدينة وعمل فيه بيده بضع عشرة ليلة، وقيل: أربعًا وعشرين. فهزم الله الأحزاب وحده، ونصر